
مقدمة
تعدّ خطة التحول الطاقي في العراق إحدى الركائز الاستراتيجية لمواجهة تحديات الطلب المتزايد على الكهرباء وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. وفي هذا السياق، اعتمد الفريق الوطني لمشاريع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة التابع لمكتب رئيس مجلس الوزراء المدارس والمستوصفات كبداية أولى للتحول الطاقي. هذا التوجه لم يأتِ صدفة، بل يستند إلى اعتبارات اجتماعية، اقتصادية، وخدمية تجعل هذه المؤسسات أكثر جدوى وأولوية في المرحلة الأولى.
1. الاعتبارات الاجتماعية والخدمية
المدارس والمستوصفات تمثل المرافق الأكثر التصاقاً بالمواطن في حياته اليومية.
-
في المدارس، يعتمد الطلاب على بيئة تعليمية مستقرة، والاعتماد على الطاقة الشمسية يضمن استمرارية الدراسة دون انقطاع التيار.
-
في المستوصفات، يرتبط توفر الطاقة بشكل مباشر بحياة الناس وصحتهم، حيث تحتاج الأجهزة الطبية والتبريد الدوائي والإنارة المستمرة إلى طاقة موثوقة.
هذا البعد الاجتماعي يجعل الاستثمار في هذه المؤسسات جزءاً من خدمة عامة مستدامة تتجاوز حدود البنية التحتية إلى ضمان حقوق أساسية مثل التعليم والصحة.
2. الأثر الاقتصادي والبيئي
البدء بالمدارس والمستوصفات يوفر نموذجاً عملياً لإدارة الأحمال الكهربائية بفعالية.
-
هذه المباني غالباً ذات مساحات مناسبة لتركيب الألواح الشمسية.
-
استهلاكها للطاقة متوسط، ما يجعل التحول إليها أقل كلفة مقارنة بالمصانع أو المجمعات الكبيرة.
-
على المستوى البيئي، خفض انبعاثات الكربون في هذه المؤسسات يساهم في بناء وعي مجتمعي مبكر حول أهمية الطاقة النظيفة.
وبذلك، تصبح هذه الخطوة نقطة انطلاق منخفضة الكلفة عالية الأثر لبناء الثقة المجتمعية في مشاريع الطاقة المتجددة.
3. البعد الاستراتيجي لخطة التحول الطاقي
اعتماد المدارس والمستوصفات كمرحلة أولى ينسجم مع الأهداف الوطنية:
-
التدرج في التنفيذ: الانطلاق من مشاريع صغيرة وقابلة للقياس يتيح تقييم الأداء وإصلاح الأخطاء قبل التوسع إلى مشاريع أكبر.
-
التكامل مع أهداف باريس للمناخ: هذه المشاريع تدعم التزامات العراق الدولية في خفض الانبعاثات وتحقيق التنمية المستدامة.
-
إرساء ثقافة الكفاءة: إشراك الطلاب والكوادر الطبية في بيئة تعتمد على الطاقة المتجددة يسهم في نشر ثقافة الترشيد وكفاءة الطاقة بين الأجيال.
4. دور الفريق الوطني
الفريق الوطني لمشاريع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة يقوم بدور محوري من خلال:
-
الاشراف على إعداد التصاميم الفنية للمشاريع وتحديد المواقع ذات الأولوية.
-
التنسيق مع الوزارات والجهات ذات العلاقة لتأمين التمويل وتنفيذ المشاريع.
-
متابعة التشغيل والصيانة لضمان استدامة الأنظمة الشمسية.
-
بناء قدرات وطنية من خلال التدريب والإشراف، مما يعزز استقلالية العراق في إدارة منظومات الطاقة الحديثة.
خاتمة
اختيار المدارس والمستوصفات كخطوة أولى في التحول الطاقي يمثل رؤية متوازنة تراعي المجتمع، الاقتصاد، والبيئة. إنها ليست مجرد مشاريع للطاقة الشمسية، بل هي مبادرات استراتيجية يقودها الفريق الوطني لإرساء أسس تحول طاقي شامل يخدم المواطن أولاً، ويمهد الطريق لتوسعة أكبر نحو الأبنية الحكومية والمراكز الحضرية.